مقال كتبته من سنتين تقريباً على مدونة الأخ عبدالله المهيري، كان وقتها محدد فترة لو حد عاوز ينشر عنده مقال مفيد بشرط عدم نقله في أي مكان قبل أسبوعين. لقيت إنها فرصة كويسة للكلام عن نقطة لطالما عانى منها كتير من الناس، وهي إدمان الشاي والقهوة!
ويا للعجب، كأني كاتب المقال الأسبوع اللي فات (مش هقول امبارح عشان كدا هبقى ببالغ فعلا D:) مع إني كتبته في ١٠\٢٠١٠ يعني من سنتين!
من فترة كبيرة كنت عاوز أنقل المقال ده عشان ظاهرة اختفاء المواقع، أعتقد من الكويس ديماً وجود المحتوى في مكانين على الأقل لسهولة الوصول إليه بالطرق الطبيعية (في طرق استثنائية زي جوجل كاش، وطبعاً المنقذ الأكبر، موقع أرشيف الرائع اللي بيوفر خاصية آلة الزمن
Wayback Machine).
رابط المقال على مدونة عبدالله المهيري.
اتمنى تستمتعوا :-)
* * * * * * * *
الشاي ذلك النبات ذي الصيت الشائع في أرجاء العالم، الذي يعد من أكثر المشروبات انتشارا على مستوى العالم عموما والدول العربية خصوصا، له العديد من الفوائد لاحتوائه على العديد من مواد وعناصر تفيد الجسم، ومضادات الأكسدة التي تقي من الكثير من الأمراض، لكن هذا يتوقف على شربه بالشكل المناسب، فمهما كان الشيء مفيدا فإن الإكثار منه أو استعماله بشكل خاطئ سيؤدي إلى نتائج عكسية! لكن من الواضح أننا على المستوى العربي نبالغ في شرب هذا الشاي سواء من حيث الكميات أو من حيث الكثافة، وانتشار شرب الشاي أدى إلى حلوله مكان العديد من المشروبات الأخرى، واصبحت نسبة شرب الشاي للمشروبات الأخرى المفيدة أكثر من ٩٠٪ لصالح الشاي! الطريف أن هذا الوضع يمتد من الخليج للمحيط، لكن في المشرق يشربون الشاي الأسود (يسمى أيضا الشاي الأحمر) وفي المغرب يشربون الشاي الأخضر، وفي كِلا الحالتين نشربه بطريقة مبالغ فيها وخاطئة!
لن اتكلم هنا عن الفرق بين أنواع الشاي، وكون
الشاي الأسود والأخضر هما من نفس النبتة لكن الأول يتعرض لعملية تخمر بخلاف الثاني، ولن اتكلم عن جمال الجبال المكسوة بشجيرات الشاي في الهند وماليزيا، لن اتكلم حتى عن فوائد الشاي حيث إن للشاي فوائد كثيرة معروفة، ولكن كأي مادة له سلبيات أو أضرار جانبية خصوصا إذا شُرِب بشكل مبالغ فيه، مثل التأثير على الكلى، الإمساك، التأثير على امتصاص بعض العناصر النافعة مثل الحديد والكالسيوم. ومع أسلوب الحياة الحديث الذي يفتقر إلى الطعام الصحي والوجبات الغذائية المتكاملة، تتضاعف أضرار الشاي بشكل واضح.
تتعد السلوكيات الخاطئة في شرب الشاي، فبعض الناس يشرب كميات كبيرة من الشاي يوميا، شخصيا لي أحد الأصدقاء كان يشرب ما بين ستة إلى ثمانية أكواب من الشاي يوميا، وانتهى به الحال بمشاكل في البواسير بسبب الإمساك واضطر لعمل عملية لعلاج البواسير (صدقني لن تحب تجربة أي علاج للبواسير!) وهناك من يبالغ في غليه مما يؤدي إلى إطلاق مادة تسبب الإمساك.
كذلك من السلوكيات الخاطئة في شرب الشاي هي شربه ثقيل جدا، فتجد الكثير من الناس يشربون شايا كالحبر! بل أعتقد أنك إذا وضعت مصباحا كهربائيا في منتصف كوب الشاي لن ترى ضوءه من الناحية الأخرى!
أيضا لربما سمعت عن الأشخاص الذين يعانون من الصداع الشديد بسبب عدم شرب جرعات الشاي التي اعتادوا عليها كل يوم، وأصبح لديهم أختيار من اثنين، إما أن يشربوا الشاي وإما أن يشربوا المسكنات. ويظهر هذا بشكل واضح في شهر رمضان حيث يكون الامتناع عن الطعام والشراب لفترة طويلة نسبيا، مما يجعل للمسكنات حصة أساسية ضمن وجبة السحور!
أخيرا، بالنسبة للكثير، أصبح الشاي أكثر من مجرد مشروب، وشربه أكثر من مجرد عادة! قد لا يكون إدمانا بالمعنى الدقيق للإدمان طبقا لمنظمة الصحة العالمية، ولكنه أضحى قريب جدا من الإدمان، والعديد من الأشخاص لا يستطيعون القيام بمهامهم اليومية دون شرب عدد معين من أكواب الشاي! فإذا كنت تشعر أنك تشرب الشاي بشكل مبالغ فيه، أو أنك لا تشرب سوى الشاي، فكر من جديد، يوجد العديد من المشروبات الأخرى مفيدة جدا لجسمك، وهذا المقال سيساعدك في التخلص من شرب الشاي -بل وأي مشروب آخر- بشكل مبالغ فيه.
وأحب التذكير، أن الغرض من هذا المقال ليس الامتناع عن شرب الشاي لأن الشاي له فوائد كثيرة، إنما هو للإقلال من شرب الشاي والتذكير بمشروبات أخرى لا يشربها الكثير بالرغم من فائدتها.
استراتيجيات التخلص من الإكثار من الشاي
في البداية لابد الحديث عن الاستراتيجية رقم "
صفر"! وهي استراتيجية عامة لكنها أهم الاستراتيجيات على الإطلاق! نتكلم هنا عن الإرادة، أي تغيير مهما كان بسيطا يحتاج إرادة قوية، حل أي مشكلة في العالم يحتاج في المقام الأول لإرادة وعزيمة، إذا فشلت في التعامل مع مثل هذه المشكلة الصغيرة في حجمها، الكبيرة في أثرها، فلا تسأل بعد ذلك لماذا تفشل في أشياء أكثر أهمية، أو حتى مصيرية! عوّد نفسك دائما أن تتعامل مع كل المشاكل، من أصغرها لأكبرها، بل الأصغر أولا لكي لا تتفاقم أو تتراكم، فالجبال تتكون من مستصغر الحصى!
نرجع لمرجوعنا :)
توجد ثلاث استراتيجيات بسيطة للتخلص من هذه المشكلة، وهم بالترتيب التخفيف، التنكيه، التغيير، أو كما أحب أن أسميهم "
٣ت".
١. التخفيف.
يعتبر التخفيف وسيلة جيدة كبداية للأشخاص الذين يشربون الشاي ثقيلا بشكل مبالغ فيه، يجب ألا يكون الشاي ثقيلا جدا وإذا كان كذلك فيجب أن يكون في حدود نصف الكوب العادي.
بكل بساطة هذه الاستراتيجية تقوم على وضع كمية أقل من الشاي، فقط قلل كمية صغيرة جدا كل مرة، يمكن أن تتبع هذا الأسلوب كل يوم أو كل يومين، لكن المهم أن يكون التغيير بسيط. على نهاية الأسبوع الأول ستجد أن الشاي مازال قريب من لونه الذي اعتدت عليه، لكن في الأسبوع الثاني ستجد تغير، ولكن من ناحية أخرى لن تشعر بيه بشكل واضح لأنه تم تدريجيا.
وفي كل الحالات يجب ألا يكون الشاي ثقيلا جدا، يفضل أن يكون لونه فاتح وليس قاتم، فحتى إذا لم تكن تشرب الشاي كثيرا، فاجعل المرات التي تشربه فيها أكثر فائدا وأقل ضررا.
٢. التنكيه.
الاستراتيجية الثانية، هي التنكيه، أي إضافة نكهات أخرى للشاي. يوجد العديد من النباتات الأخرى التي يمكن مزجها بالشاي لتعطي طعم مميز للشاي بالإضافة لفائدها، سواء كنت تريد التخلص من الإكثار من شرب الشاي أو حتى سئمت من طعم الشاي الصرف، فجرب إضافة نكهات للشاي!نظريا يمكن إضافة أي شيء للشاي! يمكن أن تجرب إضافة أي نبات آخر كنكهة إضافية للشاي، لكن يوجد بعض النكهات شائعة ومستساغة أكثر من غيرها، أهم هذه النكهات هي كالتالي:
قرفة، قرنفل، نعناع، ليمون، زنجبيل، حليب\لبن، ينسون، شمر\شمار، كراوية، مرمرية، حبهان\هيل.
٣. التغيير.
كما ذكرت سابقا، يعتبر الشاي من أكثر المشروبات انتشارا، واحتل مكان العديد من المشروبات الأخرى والتي لا تقل فائدا عن الشاي؛ لذا اعط لنفسك فرصة للتعرف على الشروبات الأخرى خلافا للشاي.
بالتأكيد لا أحثك على الإقلال من الشاي لتذهب لبنت عمه القهوة أو ابن أخيه النسكافية، بل لأشياء أروع مثل التي استعملتها نكهات للشاي (قرفة، قرنفل، نعناع، ليمون....) فهم في الأساس يشربون بشكل مستقل، هل جربت من قبل مشروب القرفة؟ وما رأيك في الحليب بالقرفة؟ (طعمه رائع جدا، نصيحه جربه!) الينسون؟ الحلبة؟ كمون؟ وماذا عن المشروبات الباردة؟ عصائر الفاكهة؟ مخفوق الزبادي بالفواكه؟ لمونادة، كركديه، خروب، عرق سوس؟ أو حتى هل جربت الشاي المثلج؟ الطبيعة مليئة بالعديد من الأشياء المفيدة لصحتك فلا تحرم جسمك منها :)
إذا كنت في المشرق ما رأيك في تجربة الشاي الأخضر على الطريقة المغاربية؟ وإذا كنت في المغرب العربي ما رأيك في تجربة الشاي الأسود مع النعناع أو القرفة؟
ملاحظات عامة.
- قالوا قديما: “مازاد عن حده انقلب ضده”، فأي شيء مهما كان مفيدا إذا أُفرط في استخدامه سيكون ضرره أكثر من نفعه؛ لذا عليك الاعتدال والترشيد في كل شيء، خصوصا ما يدخل جسمك، وليس معنى أنك تشرب مشروبات طبيعية أن ليس لها ضرر! فأولا وأخيرا كل نبات يحتوي عناصر كيميائية مختلفة، فالإكثار من شيء ما يعني زيادة هذه العناصر في جسمك عن المطلوب، وهذا ملا تريده بالتأكيد.
- احرص على شرب قدر كافي من الماء كل يوم، فالماء أفضل وسيلة للتخلص من السموم في جسمك، ويساعد على قيام الكليتين بوظائفهما. الكثير من الأشخاص لا يشربوا كفايتهم من الماء في الشتاء بسبب الطقس البارد، فتأكد من شرب القدر الكافي خصوصا في الشتاء حيث أن حر الصيف سيجبرك على الشرب. لكن تذكر ألا تفرط في شرب الماء.
- احرص كذلك على ممارسة الرياضة بشكل منتظم اثناء الأسبوع، أبسط شيء خصص بعض الوقت للمشي، لكن راعي ارتداء ملابس وحذاء مناسب أثناء المشي، كي لا تتحول جلسة الرياضة لجلسة تعذيب. أيضا ركوب الدراجات الهوائية من الأشياء الرائعة جدا.
- إذا كان لا قدر الله لديك أحد الأمراض المزمنة مثل القلب أو الضغط، يجب عليك استشارة الطبيب بخصوص المشروبات التي يمكنك شربها، فبعض المشروبات بها مواد قد تزيد من المرض، أو تتفاعل سلبا مع الدواء الذي تتناوله.
- أيضا إذا كنت تستعمل نظام تشغيل مليء بالفيروسات والبرامج الخبيثة، أو كثير التعليق مما يزيد من توترك وبالتالي تشرب الكثير من الشاي والقهوة يوميا فقط لتستطيع التعامل مع نظام التشغيل الممل هذا، ربما عليك أن تجرب نظام التشغيل الرائع جنو\لينُكس فهو سريع التطور، حر مفتوح المصدر، مستقر وآمن، ولا يوجد به فيروسات وقابل للتخصيص بشكل ممتاز. أو ما رأيك بتجربة البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر على نظام وندوز؟ هذا سيساعد أيضا. نعم نعم، هذه مجرد دعابة لا أكثر D:، لكن البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر تستحق التجربة، فجربها ;)
الخلاصة.
إذا كنت تكثر من شرب الشاي أو تشرب الشاي فقط، فابدأ بتنكيه الشاي وجرب مشروبات أخرى لذيذة ومفيدة لجسمك، عندما تشرب الشاي اشربه بالطريقة الصحيحة لا تشرب الكثير من الأكواب في اليوم الواحد، لا تجعله كثيفا ضع كمية قليلة من الشاي، لا تغليه انما استعمل اسلوب النقع وهو اضافة الماء المغلي إلى الشاي الجاف.
احرص على شرب القدر الكافي من الماء خصوصا في فصل الشتاء، مارس الرياضة بانتظام، ابسط شيء رياضة المشي أو ركوب الدراجات الهوائية.
أخيرا، بالرغم من اني تحريت اكبر قدر من الدقة بخصوص المعلومات الواردة بهذا المقال، وبالرغم من كون المقال لا يحتوي أي علاج أو وصفات طبية، لكن يجب التأكيد على أني لست طبيبا أو متخصصا، كل ما في هذا المقال عبارة عن معلومات ونصائح عامة ليس أكثر.
مصدر الصورة:
ويكي كومونز. المقال مرخص تحت رخصة
الابداع المشترك: النسبة للكاتب، أي لك مطلق الحرية في نشر، نقل وبناء نسخة مشتقة من الموضوع، بشرط الاشارة إلى الكاتب الأصلي.
(Creative Commons — Attribution 3.0)
ودمتم بألف صحة وعافية، محبكم أحمد م. أبوزيد :)